Total Pageviews

Friday, April 1, 2016

العرْس الالهي - فاضل مشالي

العرْس الالهي
بعد النضوج تتململ البويضة في مكانها. تشعر ان شيئا ما ينقصها. تتلفت حولها فترى اخواتها غير الناضجات يختبئن وسط الاغشية  لاحول لهن ولا قوة.  تتثاءب, تتحرك, وتلوح لهن باشارة الوداع  ثم تنطلق في رحلتها المفعمة بالامل. تبحر في قناة (فالوب) بهدوء  وثقة تدغدغ جدران القناة لتخبر سيدتها الكبري انها جاهزة لعرسها. تستجيب سيدتها الكبري للنداء فتتزين وتتجمل لتكون في كامل جاهزيتها.
تواصل العروس سباحتها باتجاه الرحم, وهناك تتفقد المكان لتنتقي افضله لمقامها في جدار الرحم.
تلتصق بالجدار فيرحب بها ويبدأ في اعداد مراسم العرس. يصنع لها فراشا من خلاياه ويحيطها به   وعندما تكتمل الكوشة يبدأ الجسد بالإعداد لمراسم العرس. أول ما يفعله ان يستعين بصديق يناقشه ويناجيه ويساله ويسمع اجاباته  ويقرران في النهايه ان لايجبراها علي عريس محدد بل يمنحانها الفرصة لتختار شريكها من بين عشرات ملايين الفرسان الذين يتنافسون على خطب ودها. ومن ثم يطلقونهم تجاهها  في طريق الحياة والسعادة او الموت والفناء.
يبدا السباق المحموم  وهم يعلمون ان امامهم عوائق لاختبار قوتهم. أجسام مضادة, سوائل قاتلة, سدود دمويه .يستمر السباق لمسافات طويله وفي النهاية ..في النهاية لا يصل الا عدد قليل جدا من الفرسان إلى تخوم مملكة العروس الموعودة.
ها قد وصلت كوكبة الفرسان: الاقوى والاكمل والانضج , يتراقصون حولها ويستعرضون قوتهم بطرق جدارها والدوران حولها كرقصة في عرس افريقي , وفي لحظة إلهية مختارة بعناية  يتمكن أقوى الأقوياء من الدخول. هناك يغلق  الجدار ولا يسمح لاي متطفل بالدنو من فراش الزوجية , وتبدا معجزة الخلق: يتحدان ينقسمان ثم ينقسمان  ثم ينقسمانحتى إذا اكتمل عدد الخلايا يبدا العمل ..وتتوجه كل مجموعة خلايا الي مهمتها الالهيه , يعملون معا في تناسق مدهش  وتزامن اعجازي ودقه لايوازيها الا خلق الكون. يستمر العمل بلا كلل لشهور فاذا إكتمل البناء, تعود المعجزة المستمرة الي التألق من جديد وتاتي الروح بكتابها بخيرها وشرها  بقدرها بسعادتها وشقائها بحياتها وموتها. تاتي الروح بكل ماهو مكتوب لها وعليها لتسكن فيه, ولكن من اين تاتي الروح؟..هل ينفخ اللّه فيه من روحه -انت تقولين  حين ناتي من اكوان اخري نتحد مع خلية ملقحة - انا لاادري..ولكن تبدا الحركة ومع الحركة يبدا نشيد الحياة  وتنتهي شهور العسل  وبعد تسعة اشهر يبدا اختبار الحياة , وتلك معجزة اخرى!
واستكمالا لقصة العرس الالهي.
اذا اخفقق كل الفرسان في الوصول لمضارب العروس  وتساقطوا  في الطريق من فرط الاعياء  او التشوهات  او كثرة العوائق, وطال انتظار العروس لفارسها  تشعر بخيبة امل وتحزن  وتبكي  وتتحرك من مكانها  فيضطرب وتتهتك منصة الفرح ويشعر الرحم بالفراغ  فيحزن ويبكي . يبكي لسوء الحظ وتنزل دموعه ودموع العروس  وتحدث نتيجة هذا الدورة الشهرية التي تقذف بكل المدعوين والخلايا الي الخارج . وهنا تبدا احدى  اخواتها في النضوج  وتعد نفسها  للعرس في الزمان المقدر ولاتتوقف الحياة. لاتتوقف الحياة. لاتتوقف الحياة .اوليست حياتنا عرسا  مقدسا  يجسد روعة الخالق!
فاضل مشالي

No comments:

Post a Comment